هذه القصة تشير من بداية عنوانها لصراع , طارحا موقفا ثقافيا يسعى لنقل الزوجة الأولى من الهامش إلى المتن .. على اعتبار أن وجود زوجة أولى يعنى وجود ثانية .. لذا فعمليه النفي مضمرة في العنوان .. أي نفى الثانية وإعلاء الأولى .. فإذا دخلنا المتن سنلاحظ أن الإشارة الأولى الصادرة من هذه القصة تعتمد الزوجة الأولى كشخصية رئيسية هي ( سناء ) بوصفها صاحبة السيادة في الحضور.. أما أسمها العلم ( سناء ) فهو أول اسم علم تردد في القصة .. وكشخصية فهي حضرت في أغلب السطور .. وحضور ( سناء ) بهذا الشكل الطاغي على النص وتردد أسم ( ماهر ) بعدها في المتن يكسبها تفردا في مواجهة المجموع .. وهم أفراد الأسرة والمجتمع .
أن سيطرة ( سناء ) على مجمل السطور جعل السرد ينحاز لخدمتها .. مما حول السرد لنمط تبريري في بعض مقاطعه .. ليرفع من سناء قيمتها كشخصية .. ويضعها كاسمها العلم في منطقة مرتفعة .. فسناء وسني تعنى العلو والارتفاع كما تعنى الصفاء ..
لكن السرد دخل في مط ومباشريه في بعض مقاطعه .. مما أضعف النص نلاحظ ذلك في المقاطع التالية :
(الرجولة ليست كلمة مكتوبة في الهوية في خانة الجنس أو إسم ثلاثي نقرأه بعناية قبل أن نقرع جرساً ما ، "أو موهبة" عالية متدفقة فوق الفراش، الرجولة ممارسة الرجولة أخلاق كأن يعفو المرء عند المقدرة أو أن يمتلك قلباً كبيراً يسع الدنيا تماماً كقلب ماهر)
وقد اثبت السرد رجولة ماهر وإنسانيته من خلال تصرفه .. وهناك مقطع مباشر أخر وهو :
( كان لا بد لسناء أن تنجح في مسعاها، الحب تضحية، إنكار للذات، الأنانية عدوة للحب، أن ترى الآخر سعيداً حينها يبلغ الحب غايتها المنشودة.)
أن تصرف سناء اثبت هذه الأقوال المباشرية التي لا داعي لها سوى تمطيط السرد بدون داعي .. فالإنسان يعبر عن تضحياته من خلال تصرفه وأفعاله .
أما سيطرة سناء على مجمل المتن , فلم يمنع من الأطلال على شخصية ماهر وتقديمه بشكل جيد متابعا تحولاته ونفسيته .. وهو ما رفع القصة إلى المجال الإنساني الرحب .. نلاحظ هذا المقطع :
("إذا أصرت على الطلاق فسأطلق الأخرى، أما هي سناء فلن أطلقها أبداً لأنني كما يعرف الجميع أحبها أحبها ياناس أنا أحب سناء" هكذا قال.)
أما العلاقة الجسدية فقد حضرت بشكل لافت .. فكأن الذاكرة انفتحت على جسد سناء وعلاقته بجسد ماهر .. وانتفى ظهور جسد ماهر بجسد الزوجة الثانية.. لذا كانت الإشارة للجسد للأشخاص الرئيسين في القصة ( سناء – ماهر )
كما يبدأ النص بالطفل وتقديمه بها الشكل في أول حركة للنص يعنى سيطرة الطفل على الحياة والناس وهو ما ظهر في مجمل السرد لكن في المقطع التالي يظهر بشكل طاغ :
(ماهر صرخت بقوة بركان " لن أصير أماً "، وارتمت في أحضانه امرأة يائسة في قاع الجنون.)
والى جانب حالة سناء النفسية وعذابها تتراكم عليها أعراف السلطة الاجتماعية ومنها قانون الإنجاب ..
((."دعيه يتزوج لعله ينجب ولداً يساعده غداً في شيخوخته )
وهو ضغط لايمكن تحمله بدون منفذ.. لكن المنفذ أو الخلاص جاء في اتجاهات متعددة ومنها الاتجاه نحو الطفولة كالأتي :
(في حجر أمها دست سناء وجهها وأغمضت عينيها "تذكرت طفولتك يا حبيبتي" قالت لها أمها بعد أن مست جبينها في قبلةً حنونة، دافئة،" نعم هكذا كنت أفعل حين كنت صغيرة، ليت الزمن توقف عند هاتيك الطفولة، ليتني لم أكبر مرةً ليتني لم أكبر أبداً!!" )
أو الاتجاه نحو المخيلة مثل :
("ما رأيك أنجبت لك طبياً؟" ولتأففت كثيراً من الولادة وعذابها والحمل، وما تكبدته أثناءه "لقد حرمني من النوم كان يرفسني دائماً، تراه سيكون مصارعاً أم لاعب كرة؟" ستحتجّ حينها بشدة ..." أريده أن يكون محامياً أو مهندساً". وتخيّلت أنه يداعبها بقوله "نريد أن ننجب له أخوة أريد خمسة أولاد أيضا،ً كي تكتمل نصف الدستة. ستتسع عيناها دهشةً وتقول:" لالا، لا أستطيع تعبت كثيراً في الحمل والولادة، إذا كنت مصراً تزوج عليّ".)
ونصل الآن لمقطع الختام نورده هنا لأهميته وجماله :
(وبخفة عصفور صارت في الشارع تحبس في داخلها نداءً مبحوحاً، وتحملق بذهول في إسفلت الطريق ....!!! )
وبتحليل هذا المقطع نلاحظ رموزه :
1- عصفور .... كرمز للحرية والطيران والجمال
2- تحبس .... مقابل حبس أو سجن
3- أسفلت الطريق ... الإسفلت بلون اسود كرمز للخوف والغموض
وهكذا تحطم العصفور وسجن وعجز عن الطيران , ناظرا لسواد الإسفلت كمستقبل غامض مظلم يشوبه الخوف والعجز .. فموقف سناء تحول في الختام إلى نوع من الرفض في النفسية, وليس في الأفعال .. نفسية تحوى إلى جانب رفضها المكبوت, الخوف من المجهول والعجز أمام الواقع لذا أخذت طبيعة رمزية أو أسقاطية وهو ما يعتبر أجمل ختام لهذه القصة
----------
مع تحياتي