قصة النبي يونس عليه السلام
سيدنايونس هو من الرسل الذينأرسلهم الله بعد سيدنا سليمان وقبل عيسى عليهالسلام، وقد ذكره الله فيعداد مجموعة الرسل. وقال عزّ شأنه: {وَإِنَّيُونُسَ لَمِنْالْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 139]
نسب سيدنا يونس:
لميذكرالمؤرخون ليونس عليه السلام نسباً، وجُلّ ما أثبتوه أنه: يونس بنمتّى.قالوا: ومتَّى هي أمُّه، ولم ينسب إلى أمه من الرسل غير يونس وعيسىعليهماالسلام. ويسمى عند أهل الكتاب: يونان بن أمتاي.
قالوا: ويونس عليه السلام بني إسرائيل، ويتصل نسبه بـ (بنيامين). والله أعلم.
حياة سيدنا يونس عليه السلام في فقرات:
)أ) أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياة يونس عليه السلام وأصحه-والله أعلم-ما يلي:
-1أرسلهالله إلى أهل "نينوى" وهي: مدينة كبيرة تقع على نهر دجلة أو قريباًمنه،تجاه مدينة الموصل من أرض آشور (في القسم الشمالي من العراق الحديث)،وكانعدد أهل هذه المدينة مائة ألف أو يزيدون.
-2 والذي يظهر أنرسالتهعليه السلام كانت خلال القرن الثامن قبل ميلاد المسيح عيسى عليهالسلام؛وقد سبق أن إلياس واليسع عليهما السلام قد أرسلا خلال القرنالتاسع قبلالميلاد. والله أعلم.
-3 أمر الله يونس عليه السلام أن يذهب إلى أهل نينوى، ليردهم إلى عبادة الله وحده، وذلك بعد أن دخلت فيهم عبادة الأوثان.
قال المؤرخون: وكان لأهل نينوى صنم يعبدونه اسمه عشتار.
-4فذهبيونس عليه السلام من موطنه في بلاد الشام إلى نينوى، فدعا أهلها إلىاللهبمثل دعوة الرسل كما أمره الله، ونهاهم عن عبادة الأوثان، فلميستجيبواله-شأن أكثر أهل القرى-فأوعدهم بالعذاب في يوم معلوم إن لميتوبوا، وظن أنهقد أدّى الرسالة، وقام بكامل المهمة التي أمره الله بها،وخرج عنهم مغاضباًقبل حلول العذاب فيهم، شأنه في هذا كشأن لوط عليهالسلام، إلا أن لوطاً خرجعن قومه بأمر الله، أما يونس فقد خرج باجتهاد منعند نفسه دون أن يؤمربالخروج، ظاناً أن الله لا يؤاخذه على هذا الخروجولا يضيق عليه.
-5فلما ترك يونس أهل نينوى، وجاء موعد العذاب،وظهرت نُذرُه، عرفوا صدق يونس،وخرجوا إلى ظاهر المدينة، وأخرجوا دوابهموأنعامهم خائفين ملتجئين إلىالله، تائبين من ذنوبهم، وأخذوا يبحثون عنيونس عليه السلام، ليعلنوا لهالإيمان والتوبة، ويسألونه أن يكف الله عنهمالعذاب فلم يجدوه، ولما ظهرتمنهم التوبة، وعلم الله صدقهم فيها كف عنهمالعذاب، فعادوا إلى مدينتهممؤمنين بالله، موحدين له، هاجرين عبادةالأصنام.
-6 أما يونس عليهالسلام فإنه سار حتى وصل إلى شاطىءالبحر، فوجد سفينة على سفر فطلب منأهلها أن يركبوه معهم، فتوسموا فيهخيراً فأركبوه. ولما توسطوا البحر هاجبهم واضطرب، فقالوا: إن فينا صاحبذنب، فاستهموا فيما بينهم على أن من وقععليه السهم ألقوه في البحر، فوقعالسهم على يونس، فسألوه عن شأنه وعجبوا منأمره وهو التقي الصالح، فحدثهمبقصته، فأشار عليهم بأن يلقوه في اليم ليسكنعنهم غضب الله فألقوه،فالتقمه بأمر الله حوت عظيم، وسار به في الظلمات، فيحفظ الله وتأديبه،وتمت المعجزة. وقد أوحى الله إلى الحوت أن لا يصيب منيونس لحماً ولا يهشمله عظماً، فحمله الحوت العظيم وسار به عباب البحر حياًيسبح اللهويستغفره، وينادي في الظلمات: أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتمنالظالمين، فاستجاب الله له، ونجاه من الغم، ثم أوحى الله إلى الحوتأنيقذف به في العَرَاء على ساحل البحر، فألقى به وهو سقيم.
قالوا: وقد لبث في جوف الحوت ثلاثة أيام بلياليها، والله أعلم.
-7وجديونس نفسه في العراء سقيماً هزيلاً، فحمد الله على النجاة، وأنبت اللهعليهشجرة من يقطين، فأكل منها واستظل بظلها، وعافاه الله من سقمه وتابعليه.وعلم يونس أن ما أصابه تأديب رباني محفوف بالمعجزة، حصل له بسبباستعجالهوخروجه عن قومه مغاضباً، بدون إذن صريح من الله له يحدّد له فيهوقتالخروج، وإن كان له فيه اجتهاد مقبول، ولكن مثل هذا الاجتهاد إنقُبِلَ منالصالحين العاديين، فإنه لا يقبل من المرسلين المقربين، فهوبخروجهواستعجاله قد فعل ما يستحق عليه اللوم والتأديب الرباني. قال اللهتعالى:{فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} [الصافات: 142].
-8ولمّاقدر يونس على المسير عاد إلى قومه، فوجدهم مؤمنين بالله، تائبينإليه،منتظرين عودة رسولهم ليأتمروا بأمره ويتبعوه، فلبث فيهم يعلمهمويهديهمويدلُّهم على الله، ويرشدهم إلى الصراط المستقيم.
-9 ومتّعالله أهلنينوى في مدينتهم مدة إقامة يونس فيهم وبعده آمنين مطمئنين حتىحين، فلماأفسدوا وضلوا سلّط الله عليهم من دمَّر لهم مدينتهم، فكانتأحاديث يرويهاالمؤرخون، ويعتبر بها المعتبرون.
)ب) وقد تعرض القرآن الكريم لحياة يونس عليه السلام في نحو خمس سور من القرآن الكريم؛ جاء فيها ما يلي:
-1 إثبات نبوته ورسالته عليه السلام إلى مئة ألف أو يزيدون.
-2 إثبات أنه ذهب مغاضباً ظاناً أن الله لا يقدر عليه (أي: لا يضيق عليه بذهابه عن قومه).
-3 إثبات أنه أبق إلى الفلك المشحون، فساهم فكان من المُدحَضين، فالتقمه الحوت وهو مُليم.
"من المدحضين، أي: من أهل الزلل الذين وقع عليهم السهم بأن يقذف في البحر".
-4إثباتأنه كان من المسبِّحين لله في بطن الحوت، وأنه نادى في الظلمات أنلا إِلهإلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، وأن الله استجاب له فنجّاهمن الغم،ولولا أنه كان من المسبحين لَلَبِثَ في بطن الحوت إلى يوم يبعثون.
-5 إثبات خروجه من بطن الحوت ونبذه بالعراء وهو سقيم، وأن الله أنبت عليه شجرة من يقطين.
-6إثباتأن قومه تعرضوا بسبب مخالفتهم له لعذاب الخزي في الحياة الدنيا، إلاأنالله كشف عنهم هذا العذاب لمَّا آمنوا، ومتعهم إلى حين.
-7 وقد سماه الله: (ذا النون) في سورة الأنبياء الآية (87)، و(نون): اسم من أسماء الحوت، فيكون المعنى: "صاحب الحوت".