من قصص النساء الغبيات
يعتقد الرجل أنّه بلغ غايته إذا استسلمت المرأة له.
بينما تعتقد المرأة أنّها لا تبلغ غايتها إلا إذا شعرت أنّ الرجل قد قدّر ما قدمته له.
بلزاك
القصة الأولى
لا تتنهّدن بعد الآن أيّتها النساء.
لا تتنهّدن أبدا.فالرجال خادعون أبدا
شكسبير
ك
انت تقيس حبّه لها بالسجائر التي لا يدخّنها.تقول"كلّ سيجارة لا تشعلها هي يوم تهديني إيّاه، يضاف إلى عمر حبّنا".
كم منّت نفسها بإنقاذه من النيكوتين. لكنّه يوم أقلع عن التدخين، أطفأ آخر سيجارة في منفضة قلبها. تركها رماد امرأة، و أهدى أيّمه القادمة لامرأة تدخّن الرجال.
القصة الثانية
الحب الحقيقي هو اقتسام بعض نفسك مع شخص آخر
أقرب إليك من نفسك
ك
لما رأت رجلا أنيقا، نسيت أن تنظر إليه، و راحت تتصور كم ستكون بذلته جميلة على حبيبها.
كلما صادفتها ثياب رجالية في واجهة، بدا لها أنّها فصلت من اجله، و أنْ لا رجل غيره من حقه ارتداؤها.
كانت عيناها تشتريان له كل شيء جميل تصادفه. و قلبها يقتني له ما يبخل به جيبها عليها، عله كلما خلع شيئا منها عاد فارتداها. وعندما فاضت خزانة قلبه بحبها، خلعها و ارتدى امرأة سواها، فقد أصبح أكثر أناقة من أن يرتدي "أسمال حب".
القصة الثالثة
إن المرأة إذا تعلقت بالرجل كانت أسبق منه إلى التصديق،
وكان خداعه إيّاها أسهل من خداعها إياه..
محمود عباس العقاد
كلما نزل هاتف جديد إلى الأسواق، أهدته إياه، كي تطيل عمر صوته، و كي يكون لها من أنفاسه نصيب. أمنيتها كانت أن تصير الممر الحتمي لكلماته، أن تقتسم مع الهاتف لمسته، أن تضمن لها مكانا في جيب سترته، أن تكون في متناول قلبه و يده.
بعد الهاتف الثالث، طلقها بالثلاث. ترك قلبها للعراء خارج " مجال التغطية".
ودون أن يقول شيئا، دون أن يقدم شروحا، أعلن نفسه "خارج الخدمة".
في الواقع، كان قد بدأ يعمل خادما بدوام كامل لدى امرأة يقال إنها تدعى "الخيانة"
القصة الرابعة
الجمال يوجد في عين الذي ينظر إليه
أعوام وهي تقول له "كم أنت وسيم!". كانت تراه بعيون القلب، وعيون الماضي، وعيون الغد، وعيون النعمة، و عيون الامتنان للحياة، و عيون الأغاني، و عيون الأشعار، و عيون النساء، و عيون الوفاء..وعيون الغباء
كل عيونها كانت مشغولة بتلميع تمثاله. يوم أحبته غدت كلها عيونا. ما تركت لنفسها من آذان لتسال: لماذا لم يقل لها يوما " كم أنت جميلة"! بينما كل العيون من حولها كانت تقول لها ذلك.
كان حبها فضفاضا على حد غطى كل عيب فيه، و كان حبه ضيقا إلى حد لم تبق شعرة في وجهها لم يطلها الملقط غلا و رآها.
***
"أنت لا ترى فيمن تحب إلا ما تحب...أن تراه"
القصة الخامسة
النساء دائما ما تقلق على الأشياء التي ينساها الرجال
و الرجال دائما ما يقلقون على الأشياء التي تتذكرها النساء
ما كانت قبله امرأة و لا كان قبلها حيا.
يوم التقت به كان موليا ظهره للحياة. لم يغازل قبلها غير الموت، يستعجل الرحيل، يقتل الوقت بإطلاق النار على أيامه، كما في لعبة إلكترونية.
أحبت شاعرية كآبته، نخوته، براءة مشاعره، إخلاصه، ذاكرته، طفولته المتأخرة. راحت تنفخ فيه من حياتها ليحيا، كما لو كانت أمه. تقاسمت معه أنفاسها، حمته بخوفها، وقته بدعواتها، حببت له الجمال و الفصول و المطر و البحر و السفر و الشعر و البوح و الرقص، حببت له أن يحب، أن يكون رجلا، أهدته كنوز الأمل حتى ينسى طريقه على ضرتها...المقبرة.
ذات يوم جاءها في كل أناقته، سعيدا كما لم يكن يوما. ارتدى البذلة التي اشتراها معها. دعاها إلى نزهة بمناسبة تخرجه من مدرسة البهجة.
في السيارة وضع أغاني كانا يرقصان عليها معا. لحقت به فرحى. لكنه أوقف السيارة فجأة و طلب منها أن تنزل.
تركها عند باب المقبرة ترتجف غير مصدقة، ومضى يعقد قرانه على...الحياة.
هناك نوعان من الرجال الميت..و المميت
هيلين رولاند
القصة السادسة
معظم الأمراء كالأطفال مفرطون في الدلال لكنهم سريعو النسيان
جان لورون دالميير
ل
م تطلب من الله سوى أن يبعث لها رجلا يحبها و يحميها، يهديها اسمه و تهديه ذرية صالحة. وعندما دخل حياته أمير لم تصدق سخاء القدر. حطت طائرته في قلبها و نزل منها تسبقه سلال الورود و الهدايا و وشوشات هاتفية تقول "ستكونين لي".
أيام من الدوار العشقي...ثم فتحت عينيها يوما على أزيز طائرته . طار الحلم نحو امرأة أخرى و معه حلمها بثوب أبيض.
ما زالت منذ أعوام في المطار تراقب حركة الهبوط و الإقلاع. هي لا تتوقع عودته، لكن ما عاد بإمكانها أن ترضى بغير حب يأتي من السماء في طائرة خاصة.
ما استطاعت أن تنسى أنها كانت لأيام أميرة..لكنها نسيت لأعوام أن تعيش كامرأة.
القصة السابعة
لا يوجد حب كامل..ولا جريمة كاملة
أحبها، دللها، عشقها، خاف عليها، حماها، بكاها، أبكاها، ما غار عليها من الآخرين، غار عليها من الفشل. أرادها الأولى في كل مادة. قسا عليها كي لا تقبل بأقل من القمة. صقلها كي تلمع كالماسة حيثما وجدت. وضعها أعلى السلم ثم سحب من تحتها السلم حتى لا تنزل درجة من أحلامه.
عبر حياتها كنهر، و مضى إلى مصبه صوب البحر، دون أن يلتفت على الخير الذي تركه على ضفافها.
أرادها كبيرة كما لو أنه أنجبها..و لم تدرك انه تمناها كذلك لتنجبه.
تلك الأبوة العاشقة حين تنسحب تترك خلفها مذاق يتم أبدي.
لتشفى منه راحت تقلده..أصبحت أم من أحبت بعده.
أحبته، دللته، عشقته، خاف عليه، حمته، بكته، أبكته، ما غارت عليه من الأخريات، غارت عليه من الفشل. أرادته كبيرا كما لو أنها أنجبته.
و خذلها ذلك الرجل.
لم يدرك أن امرأة تغدق على الرجل بكل تلك الأمومة هي تريده أبا!
الحب يعيد نفسه
القصة الثامنة
المرأة ناقة تساعد الرجل على اجتياز الصحراء
أحبته حد اعتناق دينه، ومطابقة ذاكرتهن فاستبدلت بشقارها سواد شعر بدوي، و بنظاراتها الشمسية كحلا عربيا، و بمنتجعاتها الصيفية مضارب قومه. و حين ما عاد لها من أهل عداه، و لا لعائلتها من شجرة، انغرست شتلة في غابة قبيلته. أصبح لها قرابة بكل نخلة نبتت في ديرته، و كل ناقة تسير في صحرائه، و كل مئذنة يرفع منها الأذان في بلاده.
راحت تبخر أثوابها قبل أن تلقاه، و تشعل العود في مدخل كل خيمة يحل بها، و تقدم الذبائح ابتهاجا بمجيئه. و عندما فاقته بداوة، بعث لها من إقامته في لندن رسالة تقول "إني أتداوى من الحب الرجعي. أنا مريض فعلا. و في دائي دوائي"
كامرأة بدوية قررت ألا تبكيه. تركته للأسرة الشقراء، و أعلنت قرانها على الصحراء.
مقتبسة من كتاب نسيان للكاتبة الجزائرية الكبيرة أحلام مستغانمي